قصص الصالحين بشكل رائع

احكى لكم اليوم قصة من قصص الصالحين فى غاية الروعة و الافادة بشكل ممتع ومشوق في موقع قصص وحكايات من صنف : قصص وعبر .. اتمني لكم قراءة ممتعة

قصص-الصالحين

  • قصة احمد بن شعيب النسائي

مع اتساعِ الفتوحاتِ الإسلامية والدولة الإسلامية وصل الإسلام إلى كثيرٍ من المناطق وَعَرف أهلها مافي الإسلام من خير ومايدعو إليه من فضائل وحرصوا جاهدين وساعين على تطبيقِ تعاليمه وتلعيمِ أولادهم ذلك وظهرت أجيال جديدة من طلاب العلم في بلاد لم تكن تعرف الإسلام من قبل ومن هؤلاء العلماء أحمدُ بنُ شعيب النَسَائيُ وبدأ بتعلم العلم ونشأ في تربيةٍ صالحة وبدا رحلته أيضاً بطلب العلم واشتُهِر بالنسَائي نسبة لبدة نَسا حيث ولد في تركمنستان ومع مرور الوقت واشتغاله بالعلم صار معلماً ومحدثاً وياتي الطلابُ إليه لأخذ العلمِ عنه
وكان في مجلس علمٍ مع طلابه ويقول لهم فيه :

والصيام لايكون في رمضان فقط فصوم رمضان هو الفرض ولكن يمكننا الصوم في غيره تقرُبا لله سبحانه وتعالى وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال :
شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صومُ الدهر
أي أننا إذا صمنا رمضان وثلاثة أيام من كل شهر فكأننا صُمنا الدهر
وقال لطلابه : وفقنا الله لما فيه كل خير وموعدنا غداً إن شاء الله
وقال له طالبه : هل يمكن أن أذهب معك يا شيخي
فقال له الشيخ أحمد : على الرحب والسعة أهلاً وسهلاً بك
وذهبا في الطريق وهما يتحدثان قال له طالبه : بارك الله لنا في علمك ياشيخ أحمد ونفعنا به وأدمك الله فوق رؤوسنا وإننا نستفيد في كل درس معك

فقال الإمام : أرجو أن تكون دروساً مُستفادة إن شاء الله وأن تعملوا بكل ماتسمعون وترون وأن تبلغوا من وراءكم
وفي طريقهما وصلا إلى منزل الطالب وقال له الطالب : توقف يا شيخ أحمد فهذا منزلي وإنني ادعوك للطعام
فقال له الشيخ أحمد : شكراً لك على الدعوة ولكن إنني صائم والحمدلله
فقال له الطالب : منذ يومين بعد الدرس أعطيتُك تفاحة ولم تأكلها وقلت لي أنَّك صائم
والآن أيضاً أنت صائم وفي عدة مواقف تكونُ فيها صائماً يا شيخ
ألا تُفطِرُ يوماً يا شيخ ؟
قال الشيخ أحمد : أُفطِرُ يوماً وأصومُ يوماً
فقال له الطالب : ألا تتعب ياشيخ أحمد ؟
فقال له الشيخ أحمد : بالعكس ولله الحمد أشعر بنشاطٍ دائم ومادمت أستطيع تحمل هذا فلا شكَ في فعله
فقال له الطالب : ما السبب في حُبِكَ للصوم يا شيخ أحمد ؟
فقال له الشيخ أحمد : حديثٌ سَمعتُه عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له الطالب : هلا أخبرتني إياه ياشيخ أحمد
فقال له الشيخ : بالطبع ولاشك ولاريب
فقال الشيخ : سأل أبو أمامة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :أي العمل أفضل ؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : عليك بالصوم فإنَّه لاعِدْلَ له
أي لايساويه شيء
فقال له الطالب : بالفعل أنت قدوةٌ في العلم والعمل ياشيخ بارك الله فيك
وهكذا كان الشيخ أحمد رحمه الله  يضربُ المثل في العالم الذي عرفه وعمل به من العلم وليس كذلك فقط بل كان مجاهداً فارساً شجاعاً لايخشى في الله لومة لائم
وكان ذات مرة بين الجند جالِساً يقرأ فاستغربَ الجُنُودُ منه وقالوا :
أليس هذا الشيخ أحمد العالم الذي نعرفه ؟
فقالوا : نعم إنَّه هو ولربما يجلس ليعلم الجنود ولكن هل يتطلب هذا أن يجلس ومعه درعه وسيفه وبلباس الحرب ؟!
والأغرب من ذلك لم يأتي إلى مصرَ من فترة قريبة !
واليوم تجده مع أمير الجيش في مصر منطلقاً للمعركة وهناك طريقة واحدة للحصول على الإجابة لهذه التساؤلات
وماهي ؟
أن نتوجه إليه ونسأله لنأخذ جواباً عن تساؤلاتنا
فذهبوا إليه وقالوا له : أي سبب يجعلك تنضم للجيش ؟
فقال لهم الشيخ أحمد : أي سبب يجعل المسلم ينضم للجيش وهو الجهاد وأقاتل في سبيل الله وبإذنه
وإن لم أعمل بما علمت فلا فائدة لعلي عندها
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْر أَوْ غَنِيمَة 
وظل الإمام الشيخ أحمد شجاعاً فارساً مجاهداً لايخشى إلا الله وظل محباً للعلم ساعياً للاستزادة منه وكان متحرياً في الدقَّة عن رواية الأحاديث

  • أبو سُليمان الدَرَانِي

كَثُرَ أعدادُ العُبَّادِ والزُّهادِ في أنحاء الدولة الإسلامية في مشارقِ الأرضِ ومغارِبِها واشتُهِرَ بعضُهُم وَعُرَفَ اسمُه وصارَ مَثلاً يضرب في الزهد والورع والخوف من الله وحتى إن كان يعيش في قرية صغيرة كما هو الحال لأبي سليمان الداراني الذي كان يعيش في قرية دَارَيَّا بالقرب من العاصمة السورية دِمَشْقَ
سأله شخصٌ وقال له : يا أبا سليمان كثيراً ماتنتابُني وساوسٌ في صلاتي وكلما حاولت التركيز تدني أفكر في أمرٍ من أمورِ الدُنيا وأرجو أن أجدَ لها حلاً عِنْدَك وماذا أفعل ؟

فقال له الإمام أبو سُليمان :
مَن وثق بالله في رزقه زادَ في حُسْنِ خُلُقِه
وأَعقبَهُ الحِلْم وَسَخَت نفْسُه وقَلّت وساوسه في صلاته
فقال له : لا أفهم يا إمام
فقال له الإمام : أنت أذا وثقت بالله وتوكلت عليه اطمأننت له لأنه هو من يرزُقُك
انشغلت عن أمور الدُنيا ولزمت أمور الآخرة لأنَّك تعرف أنَّ الله هو الرزاق العليم
وعندما تتأكَّد أن الله هو مالِكُ المُلك وهو الرازق لاغيْرُه تطمئن نفسُك ويرتاحُ قلبُك
وستطيبُ نفسُك مع من حولَك وتسلم كل أمورك لله وعندما تقف بين يدي الله جل جلاله في الصلاة ولن تفكر بغيره
فقال له : شكراً لك يا إمام كانت نصيحة جامعة سأستفيد منها بحياتي إن شاء الله
وكان الكثيرون يأتون للإمام أبي سليمان للاستفادة بعلمه والعمَلِ به
وكان لايبخل عليهم أبدا ويمنحهم النصيحة في كل وقت

وكان في الليل كل يوم يقوم إلى صلاة قيامِ الليل ويجد الراحة فيها والقُربَ لله كما حاله في كل صلاة
وكان يقول رحمه الله : لولا الليل ما أحببت البقاءَ في الدُنيا
وكان يقول رحمه الله أيضاً : من كان يومه
مثل أمسه فهو في نقصان والزيادة تكونُ في طاعَةِ لله عزَّ وجلَّ

  • إبراهيمُ بنُ الأدهَم

كان إبراهيمُ بنُ أدهَمَ ابناً لأميرٍ من الأمراء وكان يعيشُ حياة المتفرفين إذ سمع صوتاً في داخله وهو في رحلة الصيد يقول له
بأن لا يغترَّ بالدنيا وفجأة انقلب الشاب من شاب مرفه إلى شابٍ زاهد وورع مجاهداً يدافع عن الإسلام وأهله ولايخاف إلا الله
الزاهد العابد المُرابِطُ المُجاهد
وذات مرة كَتَب الله له ولمن معه في معركةٍ ما النصر من عنده
وقال له أحدهم هيا لنأخذ الغنائم يا إبراهيم فهي من حقّك
فقال له : لاحاجة لي فيها ولا أريد مالاً في سبيل الله وإنما شاركتُ في المعركة لتكون كلمةُ الله هي العُليا
ورغم زُهده يدعو إلى العمل وإلى الكسب الحلال وترك ثروة أبيه الوافرة وفضَّل العيش من كسبِ يده وكانت له مواقفه الكثيرة تظهر مدى زهده وورعه ورغبته في إصلاح الآخرين ممن حوله
ومن أمثلة ذلك الزُهد  أنه كانت يوماً ما يمشي مع أصحابه عائدون من العملِ

فقال أحدُهُم : الحمدُ لله كان عملُنا اليوم وفيراً وحصلنا على مالٍ من تعبِ يدِنا
وكما أننا نستمتع بالإقامة معك يا إبراهيم في منزلٍ واحد
وما أروع الإنسان أن يعمل من تعبه ويسترزق بعمله
فكان لم يحلق شعره هو وأصحابه منذ أن رجعوا من المعركة
فذهبوا إلى حلاقٍ في المدينة ورآهما فقيران فلم يرضى أن يحلق لهما وقال لهما : هذا ماكان ينقصني فقيران يُريدان أن يحلقا ويُفاصِلانِ في الأجرِ
فبينما كانا يتكلمان إذ أتى شخصٌ غنيٌ وقال: أريد الحلاقة
فرحبَ الحلاق به أشدَّ ترحيب وقال له تفضل
وقال له صديقه أما أنا فسأذهب لأحلق عند غيره
وقال إبراهيمُ اما انا فسأبقى وأنتظرُ حتى ينتهي
قال له صديقه : ماذا ستفعل ريثما ينتهي
قال له : سأذكر الله وأقرأ وردي اليومي من القرآن وهي فرصة لن أضيعها
وكان الحلاق يتكلم معهما بلهجة تكبرٍ
وما إن انتهى من ورده وأذكاره إبراهيمُ
إذ أتى إليه الحلاق وقال له : أما زلت هُنا ؟!

قال له إبراهيم : نعم يا أخي وأريد الحلاقة
فقال الحلاَّق : أريد ديناراً كاملاً منك إن أردت الحلاقة
فقال له إبراهيم : سأعطيك كما تطلب
فبدأ بالحلاقة وقُبيل أن ينتهي الحلاق من حلاقته
إذ أتى صديقُه وقال له : أما أنتهيت فإنني قد حلقت وذهبت للبيت واستحممتُ وعُدتُ
قال له إبراهيم : دقائق وننتهي إن شاء الله
فانتهى إبراهيمُ من الحلاقة وأعطاه صُرَّةً فيها مال قيمته عشرين ديناراً
فقال له صديقه : هو طلب ديناراً وانت أعطيته مالك كل الذي عملت به في المزرعة !!
فقال له إبراهيم : حتى يكونَ درساً له ولا يتكبر على الناس أو يحتقرهم فقيرهم قبل غنيِّهم وهذا غني خيرٌ من مال الدُنيا وكُلِه
فاعتذر الحلاق إلى إبراهيم وصاحبه
وقال له إبراهيم : أتمنى ان تحسن معاملتك مع الناس أياً كان مظهرهم
ولافرق بين فقير ولا غني يا أخير جميعنا عبيدٌ لله
فقال الحلاق : صدقت صدقت

فلم يكن المال يهم إبراهيم أبدا وكان على استعداد لينفق كل ماله ليجعل الآخرين سعداء وقليلون هم من يفعلون ذلك
وكان أيضاً ذات مرة مع أصحابه يمشون وكانوا يعملون ورجعوا عائدين من العمل متعبين كانوا صائمين
فيتمنون الوصول للبيت والاستراحة فيه من شدَّة تعبِهم
فقالوا له : هيَّا يا إبراهيم أسرع لنصل إلى البيت فقد أوشك المغرب على المجيء ويحين وقت الفطور
ولن ننتظرك إذ بقيت على هذه الحالة
فقال : إنني أحب أن أتأمل بديع خلق الله في السماوات والأرض وأذكر ربي وأحب أن أمشي على مَهَلٍ
فاذهبوا إن أردتم وأنا ألحق بكم إن شاء الله
وقد أذنَّ المغرب وكان الفطور موجوداً وقال قائلهم
سأجعل إبراهيم لايتأخر في الحضور معنا إلى البيت
فقالوا كيف ذلك ؟

فقال : سننهي الطعام كله ثم ننام فإذا جاء وعرف أن الطعام قد انتهى فسيعرف أن سبب تأخره هو السبب في ذلك
قالوا : فكرة سديدة
وبينما هو قادم وداخل للبيت ولم يجد طعاماً
قال : يا إلهي ! لقد ناموا بدون طعام وناموا جائعين وسأذهب لأحضر لهم طعاماً وأقومَ بطهيه
وهكذا بدأ إبراهيم في إعداد الطعام لأصدقائه
فكانوا نائمين واستيقظوا وشموا رائحة الطعام فقالوا
لنقم ونرى ما الذي يحصل هنا
فوجدوا إبراهيم يعد لهم الطعام
فقالوا : له لم تعد لنا الطعام
فقال : رأيتكم نائمين ولم أجد أثراً لطعامٍ في المنزل
فلم أرد إيقاظكم حتى أنتهي من إعداده
فقالوا : ياويحي نحن من أكلنا الطعام وفعلنا ذلك كي لاتتأخر معنا في المرة القادمة والرجوع معَنا
وكان حريصاً على أن يفعل الجميع الصواب ويستزيدوا في الخير وأصبح اسمه رمزاً للزهد والتقوى وحب العمل والإخلاص فيه
فرحمه الله رحمةً واسعة

  • أحمد بن حجر العسقلاني 

في نهايات القرن الثامن من الهجرة كانت الحركة العلمية نشطة ومزدهرة ولد في القاهرة العالم الأديب أحمد بن حجر العسقلاني بن العالم علي بن حجرٍ العسقلاني
ولقد توفي والد الإمام أحمد بن حجر وابنه من العمر الصِغرَ
 وتربى على يدِ شخصٍ صالحٍ من أصدقاءِ أبوه الذي توفي وتركَه عنده
وحفظ أحمد بن حجر العسقلاني حِفظَ القرآن الكريم وقبل أن يصلِ للثانية عشرة من عُمُرِه
وكان يقول وهو صغير لصديقِ والده الذي يُربِيه بعد والده
ياعمي أخشى أن أكون عبئاً ثقيلاً عليكَ
فيقولُ له صديق والده : لاعليك يا بُني فصداقتي لوالدك تقتضي ذلك
وكان يقول أحمد : ولكن أحتاجُ للمالِ الكثيرِ كي أكونَ مثلَ ماكان يقولُ والدي وأن أُسافِر للبلدان وأسمعَ من العُلَماء
فيقول صديق والده : ماشاء الله أنت نشيطٌ ومجِدٌ وتعرف قيمة العلم وطريقة الحصول عليه كوالِدك ويبدو أنَّك لن تخيب أملَ والدك فيك
وبالنسبة للمال فلاتقلق
 فقد تَركَ لك أبوكَ ثروةً كبيرةً ستكفيك في رحلة طلبك للعلم إن شاء الله
وإن لم تكن كافية وكما تعلم أنا من أكبر تجار البهار في مصر وهي تجارة تجلب لي الربح الوفير ولله الحمد
وكما أنَّك تتلعم فكل علمٍ يُساوي كلَّ ما أملك
ومضى أحمد وتعلَّم العلم كما كان يُريده والده
فسافر إلى مكة المكرمة ليستمع للعلماء هناك وسافر للشام والتقى بأئمة عصره في مختلف العلوم وكان سريع البديهة ومتوقد الذَّكاء
حتى لمع اسمه بين طُلابِ العلم ليبدأ اسمه الظهور بين العُلَماء
وهو جالسٌ في حلقة علم إذ أتاهُ رسولٌ من عند الخليفة وقال له : ياسيدي إنَّ الخليفة يدعوكَ إليه
فقال له الإمام أحمد بن حجر هيا بنا لنذهب
وفي طريق خروجهما رأته امرأة وقالت له
أنت أحمد بن حجر العسقلاني ؟

قال لها نعم أنا هو تفضلي وأكملي كلامك
قالت : لتعلم أولاً أنني لستُ مُسلِمَة ؟ وهل تقبل أن تكمل الكلام معي ؟
فقال لها : لابأس
فقالت : كما ترى إنني امرأة فقيرة وأعاني في الدُنيا كثيراً
وأما أنت فترتدي أجمل المبلابس وتعيش في أفضلِ البيوت
وفوق كل ذلك تسير الآن بموكبٍ من الجنود إلى السلطان وبلغني أنكم تقولون إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن وأن الآخرة جنة المؤمن وسجن الكافر فكيف ذلك !! وأنا بهذه الحال أنا فقيرة وأنت غني !!
فقال : لاعجب من ما قلتي فما أنا من نعيمٍ وترفٍ في الدُنيا إنما إذا قورنَ في الجنَّة ونعيمها وما أعده الله للمؤمنين في الآخرة وإن دخلتها بإذنه فأنا بسجنٍ في الدُنيا
وما أنت فيه من ضيق الحال هو كالجنَّة ويوم الآخرة إن أدخلك الله في النار فأنت في جنة في الدنيا
وإن ظللت على ضلالك ولم تؤمني بالله الواحد الأحد فستدخلين النار والعياذُ بالله
وإن آمنتِ بالله فسيدخلك الله الجنة بإذن الله
وأعطاها الإمام أحمد بن حجر مالاً وأسلمت وقالت :
أوهذا المال وأنا كافرة !!
فقال لها : هذا ماعلمني إياهُ المسلمين
فقالت : أشهدُ أن لا إله إلا الله محمد رسول الله

فوصل إلى الملك وقال له الملك : إمام المسلمين وقاضي القضاة والمفتي في زمانه وعصره أحمد بن حجر العالمُ الكبير سمعت أنَّك ألَّفت شرحاً على صحيح الإمام البخاري رحمه الله
أليس كذلك ؟
فقال الإمام ابن حجر : نعم يامولاي ولكن ليس تماماً لقد بدأت بالفعل ولم أنتهِ من تأليفه منذ سنوات وهو يحتاج لجهدٍ كبير
فقال الملك : لقد أرسل لي ملك الشرق شاه بن رخو تيمور يطلب هدايا ومن ضمنها كتابُ فتح الباري وكيف وصلته أخبارُ الكتاب قبل ان تنتهي من تأليفه !
فقال ابن حجر : وأنا أتعجبُ أيضاً يامولاي !!
فقال له الملك : عجباً والله أخبارُك تصل للمشرق والمغرب بإذن الله وما أحسنك في علمك
وبعد مرور عشرين عاماً أتمم الإمام ابن حجر بفضلِ الله كتابَه فَتْحُ الباري على شرحِ صحيح البخاري أصحِ الكتب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه من حديث وضمنَّ فيه أحاديث ومسائل في الفقه واللغة وعلَّقَ عليها ووضحها
ولُقِبَ الكتاب بديوانِ السُنَّة النبوية الشريفة ولُقِبَ الإمام ابن حجر الحافظ وترك المؤلفاتِ الكثيرة العديدة وراءه فرحمه الله رحمةً واسعة .

  • بشرُ الحافي
كان في بغداد كما يكون في حال البلاد الأخرى أُناس غافلون عن الآخرة وحقيقتها منغمسين بالدنيا وملذاتها ومن هؤلاء بشرُ بن الحارث الذي اشتُهر ببشرٍ الحافي وكانَ ماجناً لاهياً
وكان ذات مرة يمشي في السوق صباحاً إذ رأى ورقةً  على الأرض مُلقاةٌ
فقال : ماهذه الورقة لربما سقطت من طلاب العلم
فضحك وقال: لقد أصبح العلم يُلقى في الطرقات
وفتحها ورأى مكتوباً بها : بسم الله الرحمنِ الرحيم
 فقال : أستغفر الله العظيم وأتوبُ إليه , أستغفر الله العظيم
وقال : كيف تلقى ورقة فيها اسم الله هكذا على الطريق ؟
وأخذها ومشى إلى شخصٍ يبيعُ العُطور وقال له : أريد عطراً ثميناً يا أخي

فقال له : عندي عطر ولكنه غالٍ بعضَ الشيء
فقال له بِشر : لاعليك فأنا املك المال وأريد أن يكون مرتفعاً سعرُه
فقال له بائع العطور : انتظر هنا ريثما أعد لك قارورة عطرٍ رائعة
فينما هو ينتظر إذ مرَّ به رجلٌ مسنٌ فقير وقال له :
هل ستسخرُ مني إن قلت لك أعطني مما أعطاك الله
فقال له بِشر : لا ياسيدي وأعتذر إليك مما عملت معك
واعطاه  مالاً وقال له الرجل المسن : جزاك الله خيراً
وأخذ بشر الورقة التي وجدها وسار بها حتى وصل إلى منزله بعد ان اخذ قارورة العطر وقال هذا أقل ما أفعله مع هذه الورقة من تعطيرها
وإذ هو ذات مرة يرى بشخصٍ صالحٍ يمر من أمام بيته
فقذف الله في قلبه حب هذا الشخص وخرج من بيته مسرعاً إليه
حتى رآه الشخص الصالح وقال له : لم خرجت من بيتك حافياً ؟
قال له بشر : لم يكن لدي حذاء أرتديه
وأن أريد التوبة ياسيدي ولا أريد أن يعطلني عنها شيء
فقال له : أنا ذاهب لصلاة الفجر فهل تذهب معي وتعلن توبتك النصوح لله عز وجل
فقال له : بالطبع ياسيدي

فلقب بعد هذا الموقف بالحافي
وعندما انتهيا من الصلاة انكبَّ بشرٌ يبكي
فقال له الشيخ : ما الذي يبكيك ياولدي
فقال : ذنوبي ياشيخ ولم أفعل شيئاً طِوال عُمري
شيئاً يفيد الناس سوى اللهو والسهر والسخرية من الآخرين ولم اكن شخصاً يفيد الآخرين حوله
فقال له الشيخ : وهاقد جاء الوقت لكي تفيد الناس عليك أن تكون صالحاً وتتخلى عن رفقاء السوء وتركهم وأن تتوكل على الله في كل صغيرة وكبيرة
وامتنع بشر عن كل ماكان يفعله من قبل وأصبح مثالاً في التقوى والورع ولقد أدرك بعقله أن ماكان فيه يبعده عن الطريق المستقيم وعن الله عز وجل وتخلى رفاق السوء
فرحم الله العابد الزاهد بشرَ الحافي بن الحارث
الذي قيل عنه :
 ما أخرجت بغداد أتم عقلا منه، ولا أحفظ للسانه منه، ما عرف له غيبة لمسلم، وكان في كل شعرة منه عقل، ولو قسم عقله على أهل بغداد لصاروا عقلاء وما نقص من عقله شيء

  • يوسُفُ بن أسباط
في تُركيا في أنطاكيا عاش العابد الزاهد الحكيم يوسُف بن أسباط
وكان ليوسف مواقف ذكرتها كتب السيَّر وتناقلتها الأجيال من بعده
وكان ذات مرة في مجلس علمٍ لشيخه فقال له : ياشيخ أريد أن أخبرك أمراً وأرو أن تكون مساعداً ليَّ فيه
فقال له شيخه : أسأل الله أن يلهمني حلاً لذلك الأمر
فقال له : إنني أستيقظ في كوابيس وأكون متعرق الجبن وأكون خائفاً
فقال له الشيخ : هل تخاف من الله يايوسُف ؟

قال يوسف : أخاف منه سبحانه وتعالى
وقال الشيخ : تذكر كل هذا طوال الوقت ومن خاف الله خاف منه كل شيء
فقال يوسف : شكراً لك ياشيخنا فقد أراحتني تلك الكلمات والعبارات
وهكذا تغير حالَ يوسف

وكان يصلي قيامَ الليل ويدعو وإذ بسارقٍ معه سيف يريد أن يقول له أين المال الذي عندك
فقال يوسف : إنني لا املك المال ولست خائفاً منك بل عليك خائف
فقال له السارق : أين مالُكَ ياهذا
فقال له : أنا ذاهبٌ لأصلي الفجر والمنزل أمامك ففتشه وأنصحُكَ بعدم إتعاب نفسك بالتفتيش ومن حسن الحظ أن زوجتي عند اهلها اليوم وإلا كان الناس قد أتوا إلي ومسكوك وقتلوك
وأنصحك أيضاً أن تبحث عمل شريف بدلٌ من أن تسرق بيوت الناس
وكان يوسف محبوباً بين الناس يرونه عاقلاً متواضعاً
وكان يقول : التواضع أن لاترى أحداً وإلا رأيت فضلاً له عليك

وظل يوسف مثالاً لسلوكه وهو يقول كما يفعل ولافرق بينها
وكان من أكبر الزُهَّاد والعُبَّاد وظلَّ مشغولاً بعبادته وتقربه إلى الله وحتى توفي بعد أن ترك وراءه سيرة عطرة وراءه وصار قدوة للآخرين
فرحمه الله رحمة واسعة
  • المُعافى بن عِمرانَ الدَوسِيّ
ما أجمل ان يتصف الإنسانُ بالزُهد والورع والتُقى وبالإضافة لذلك العلم والمعرفة ومابالنا لوكان صاحبها يتمتع بالأدب والتواضع وحُسن الأخلاق والكرم والجود والسَخاء
فالعالمِ الجليل المُعافى بن عمران جمع تلك الصِفاتُ كُلِّها التي قلَّما توجد في شخصٍ آخَرَ
وذات يومٍ كان في بيته وقال لزوجته : سأخرُج لطلاب العلم
فقالت له : أنت تقيم حلقةً للعلم في المسجد وفي البيتِ وألا تكتفي بواحدةٍ في المسجد ؟
فقال لها : أريد أن أُكافئ طلاب العلم بعد الحلقة وأن أدعوهم للغداء وهذا أمر لايمكنني فِعلُه في المسجد
فقال له زوجته : تضربُ لهم مثلاً في الكَرَمِ
فقال لها : كم أنا سعيد لأنك تفهمين عليَّ يازوجتي العزيزة
فقالت له : وأعينُك على الخير إن شاء الله
فنادت عليه ابنتُه وقالت له : هُناك شخصٌ على الباب يُريد أن ينضم لحلقة العلم يا أبي
فقال لها : ومن ذلك الرجل يا ابنتي وهل تعرفين اسمه ؟

فقالت له : إنَّه بشر الحافي
فقال لها : ماشاء الله بشرٌ الحافي ذلك الرجل الزاهد يُريد الانضمام لمجلس العلم
وكان يقول بين طلابه : وينبغي علينا أن نسعى في طلبِ العلم فقد رَوَى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
طلبُ العلم فريضةٌ على كُل مسلم
وقال له أحدُهُم : وماذا يفعل من لايملك الوقت في طلبِ العلم
فقال له : لايُكلف الله نفساً إلا وُسعَها يابُني
وهناك من العلم عليكَ أن تعرفَه ولاتُعذرُ بجهله كأن تعرف أركان الإسلام وكيفية الصلاة والصوم وقراءة القرآن وتحفظ منه ماتسطتيع ومن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مايُفِيدُك
وهانحن نرى بشراً الحافي بيننا الذي كان في الدنيا يلهو ويلعب ويضحك وقرر تركها ليكون له حظٌ وافرٌ من العلم الكثير
أليس كذلك يابشر ؟

فقال بشر : أرجو أن يكون عملي هذا خالصاً لوجه الله تعالى ومقبولاً عنده يا إمام
فقال الشيخ : بإذن الله يابشر ما أن تكون مخلصاً لله تعالى في نِيَّتِك
والآن انتهى وقتُ حلقة العلم وهيا بنا لنتاول طعامَ الغدَاء
وكان كرمُ المعافى يمتد ليشمل كل من يِعرِفُه
فكان يتعب من حلقات العلم والتدريس ولكنه كان يشعر بسعادة لاتوصف في تعليم الناس أمورَ دينِهِم
فوجد في بيته محصوله الزراعي الذي يملكه من أراضيه وكان قد حصده وقال لزوجته : هيا لنقوم به ما اعتدنا كل عام
فقالت له زوجته : هل ستوزع المحصول على أصدقائك من المحتاجين أولاً
فقال لها : نعم بالطبع فالخير كثير ومارزقني به الله أحب أن يكون للفقراء نصيب منه وأحب أن اكون مفيداً لمن حولي
واعتاد المُعافى أن يرسل لأصدقائه مما يأتيه مايكفي كل واحدٍمنهم سنة كاملة وما أعظم كرمه وسخاءه
وكان حريصاً على طلب العلم وطاف كثيراً بالبلدان والتقى الكثير من الحافظين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم
وكتب الكثير من المؤلفات في الزهد والسُنن والأدب والحديث والفقه
وكان رحمه الله عالماً كما كان قد شهد له بذلك الكثيرُ من العلماء
وكان يقول عنه سفيان الثوري رحمه الله : إنَّه ياقوتَةُ العلماء والحمدُ لله أن جعل بين علماء هذه الامة رجلاً كالمعافى بن عمران
  • القاسم بن معن بن عبد الرحمن
لقد حفظ التاريخ لنا قصصاً كثيرةً عن الصالحين وسمعنا قصصاً عن أوْلائك الذين تولوا مناصب في الحياة وحكموا بين الناس بالعدل وعن أناسٍ كانوا زاهدين في الحياةِ راضين بما قسم الله لهم من الرزق والعيش 
وشاكرين الله لهم على كل ماقدره لهم
ومن هؤلاء الصالحين اجتمعت فيه كل هذه الصفات الكريمة إنَّه العالم القاضي الزاهد الكريم القاسم بن معن
فذات مرة آنذاك طلب الوالي عيسى بن موسى أن يَحضُرَ القاضي القاسم بن معن ليقابله لأمرٍ مهم
فقال له الوالي : سمعنا عن علمك ومعرفتك ولذلك قررنا توليتك منصب القضاء
فقال له : أنا ! شكرا يامولاي ولكن , , , 
فقال الوالي : لاتقل شيئاً فلن أسمح لأي اعتذار وإن لم تقبل أجلِدُك 
لانك تمتنع أن أداء واجباً أحسبُكَ لهذه المهمة كُفأً لها

فقال له : إذاً أريد ان أخبرك أنه لا اريد أجراً على القضاء وأقبل المهمة وأقوم بها لوجه الله 
فقال الوالي : أنا مؤتمن على أموال الدولة وفي هذه الأموال حصة لكل ذي منصب وأنا مؤتمن على ان أعطي كل ذي حقٍ حقَه
وستأخذ راتبك مقابل توليك منصب القضاء وانت حر بما تفعل في هذا المال بعد أن تأخذه
فقال القاسم : بإذن الله يامولاي والآن هل تسمح لي بالذهاب
فقال الوالي : نعم ومن الغد إن شاء الله ستبدأ بمنصبك والحُكمَ بين الناس
وبالفعل بدأ القاسم بن معن بالتولي منصبَ القضاء

فأتته امرأة وقالت له : سيدي القاضي إنني أجرت حماراً لهذه الشخص لمدة يومين وأعاده لي هزيلاً ضعيفاً وهو لم يُطعِمهُ واضطررت أن أترك الحمار يرتاح ويأكل كي لايموت ولم أُأجِرهُ لأحد ذلك اليوم
ولذلك أطالب هذا الرجل ان يعطيني أجرة اليوم الثالث الذي لم يعمل الحمار فيه
فقال القاضي للرجل : ماقولك في ماتَدَّعيهِ هذه المرأة  ؟
فقال له الرجل : سيدي القاضي ومادخلي في طعام الحمار وأنا استأجرت الحمار فقط
وهل ينبغي عليَّ إطعام الحمار 
فقال له القاضي : اخبرني لو انك استاجرته لمدة شهر فهل ستتركه بدون طعام ؟
كان سيموت بالتأكيد , أليس كذلك

فقالت المرأة : الحمدُلله أنني لم أُأجره لفترة طويلة
فقال القاضي : لو أنه أصيبَ بفترة إيجارِك له لوجب عليك مداواته والأكل من المتطلبات اليومية للعيش
ولذلك بما انك قصرت سألزمك بدفع أجرة طعام الحمار ليومين
ودخل عليه رجل وقال له : السلام عليكم يا سيدي القاضي
فقال القاضي : وعليكم السلام ورحمة الله , ماشكواك ؟
فقال له الرجل : ليس لي أي شكوى ياسيدي القاضي
فقال له : لماذا دخلت إذاً؟ 

فقال الرجُل : أنا مبعوث من بيت المال وأتيت لأعطيك راتبك يا أيها القاضي
فقال له القاضي : حسناً , اتركه هنا وانصرف أنت
فقال القاضي للحاجب : خذ هذا المال الخاص بي والحقني
وتصدق القاسم بكل درهم أتاه من عمله كقاضٍ وكان يرى هذا من واجبه وفعل ما ألزم به نفسه وكان قد أقسم على ان لا يأخذ مالاً من عمله فكان قاضياً يحكم بين الناس لوجه الله تعالى 
ورغم أنه كان قاضي الكوفة فكان يأبى إلا ان ينصاع للحق من أي أبوابٍ أتاهُ
فرحم الله ذلك التقي النقي العابد الزاهد القاسم بن معن قاضي الكوفة
  • قصة احمد بن شعيب النسائي بالفيديو :

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    ان كنت كاتب للقصص وتريد نشرها في موقعنا راسلنا بقصتك عبرة صفحة اتصل بنا ونحن سننشرها في الموقع باسمك



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -