قصة معبرة ومؤثرة
مرحبا بكم زوار ومحبي موقعنا قصص وحكايات , نحكي لكم اليوم قصة معبرة ومؤثر بعنوان المدينة تنتصر . والتي تكرس فينا حب فعل الخير ومساعدت الاخرين , وتبين بان الحق وان طال الزمن راجع الى اهله لا محالة . وترجو ان تنا اعجابكم ولا تنيو مشاركتها مع اصدقائكم لتعم الفائدة , وللمزيد يمكنكم قرائة هاته القصة ايضا .
القصة بقلم : فيصل نصيب
المدينة تنتصر
الخيُر أسمى شيء في حياتنا ، إنه يجعل لها
معناً روحياً فريداً ، و يُضفي لها شعوراً رائعاً ، وما أجمل هذا الشعور عندما
نتشاركه مع غيرنا .
كان رامي فتىً يمتلك من الحياة إثنا عشرةَ
سنةً فقط ، و يعيش في مدينة ريفية يحكمها العمدة ، الذي كان المسؤول عن قوانينها
ونظام الحكم الذي يسودها ، كان والد رامي فيما مضى دائماً ما يوصيه بعدم إيذاء
الآخرين و يوصيه بمساعدتهم و إعانتهم .
خرج
رامي يوما ما إلى سوق المدينة فإذا به يجد رجلاً متعباً يجرُّ عربة الحليب وقد شق
عليه الأمر ، فسأله ما بك يا عم ؟ هل أنت متعب ؟ أجاب الرجل أجل يا بني فأنا كلّ
صباح أخرج متجها إلى المدينة المجاورة لأبيع الحليب و أعود في المساء ومع تقدمي في
العمر لم أعد أستطيع أن أكمل عملي ، قال رامي أنا سأذهب إلى المدينة المجاورة
لأبيع لك الحليب ثم أعود ، اِندهش الرجل
ممّا سمعه من الفتى الذي ارتسمت على وجهه ألوان البراءة فقال شاكراً : أنت فتىً
طيبٌ جدّاً يا رامي ، اذهب و أنا سأبقى هنا في السُّوق أنتظرك حتى المساء إلى حين
عودتك .
ذهب رامي إلى المدينة وبدأ يتجولُ في شوارعها
منادياً حليب .. ! حليب .. !، وكأنه صاحبُ هذه المهنة منذُ زمن وسرعان ما تجمع
الناس حوله يشترون منه ، وقد ارتابهم شعورٌ بالسعادة و الارتياح تجاه رامي ، هذا
بالإضافة إلى لطافةِ حديثه وطيبة قلبه ، على عكس أغلب الباعة الذين كان يظهر عليهم
العُبوس .
باع رامي كلّ الحليب في وقت قصير و عاد مسرعاً قبل حلول المساء ، وجد الرجل
في انتظاره فقص عليه القصة و فرحَ الرجل كثيرا و أعجب بِدهاءِ رامي وفطنته رغمَ صِغر
سنّه ، فاقترح عليه أن يعمل بدلاً عنه و بالمقابل يعطيه نصف المبلغ الذي يجنيه ،
وافق رامي و أخذ يعمل بجدٍّ كلّ يوم مع أنه كان يتعرض للشتم من الباعة الآخرين ،
لكنه كان لا يبدي أي اهتمام بذلك .
وفي أحد الأيام بينما كان رامي عائداً مساءً من المدينة حتى أصابه التعب من
جر العربة فقرر أن يستريح قرب إحدى حقول القمح التي كانت ممتدةً على مدى نظره و قد
رسمت لوحةً فنيةً رائعةً ، استراح رامي قرب حقلٍ و أخذ يتأمل جمال سنابل القمح الممتلئة التي تتدحرج
ذهاباً و إياباً بفعل النسيم الذي يلامسها ، قال رامي في نفسه متعجباً : أظن أن كل
هذه الحقول الشاسعة هي التي تمد سكان المدينة بالمحصول الذي يصبح طحيناً فيما بعد
يلبي حاجة المدينة بأكملها ، وبينما هو غارق في تفكيره حتى سمع صياحاً يتعالى من
جانب الحقول ..حريق ! ..حريق .. ! ، نظر رامي إلى الحقول فشاهد ألسنة النار تتعالى
داخلها وهي تلتهم المحصول كمن يلتهم الطعام بشراهة ، تجمد رامي في مكانه من المشهد
الذي شاهده فمر أحد الفلاحين مسرعاً فشاهد
رامي فسأله غاضبا ماذا تفعل هنا يا ولد ؟ ارتبط لسان رامي داخل فمه و اصفرَّ وجهه ،
آهْ إذن أنتَ من تسبّبت في الحريق ، رامي : لكن يا سيدي ... أصمت أنت مجرمٌ ويجبُ
أن تعاقب على جريمتك ، ألا تعرف أن هذه الحقول هي ملك للعمدة ؟.
أمسك بيده و جرَّهُ إلى الفلاحين : أيها الرجال
وجدتُ هذا الفتى قرب الحقول وهو من تسبّب في الحريق ، سنأخذه إلى عمدة المدينة لكي
يعاقبه ، وصلوا إلى دار العمدة فأدخلهم وقال لهم بنبرة خشنة : ماذا هناك ؟ ما الذي
جاء بكم ؟ ألا يفترضُ بكم التواجد في مكان عملكم ؟ ، قال أحدهم صائحاً كارثة يا سيدي
... كارثة ...! لقد نشب حريقٌ هائل في الحقول و احترق كلُّ المحصول يا سيدي ، وهذا
الفتى هو من فعل ذلك فصرخ العمدة غاضباً وماذا كنتم تفعلون أيها الحمقى ؟ ، ألم
يكن الحارس يقوم بعمله ؟ . أجاب الرجل : بلى يا سيدي ولكن هذا الطفل كان مختبئاً بالقرب من الحقول فلم يره منا أحد ، قال العمدة :
سأعاقبك أشد العِقاب أيُّها الفتى الشّقي ، أجاب رامي : لكنّني يا سيدي لم أفعل
ذلك ، فأمر العمدة جندهُ بأخذه إلى السّجن
حتى يحين موعد محاكمته أمام الجميع ليكون عبرة لهم .
قلق الرجل صاحب العربة لتأخر رامي فسأل نفسه
: ترى لماذا تأخر إلى هذا الوقت ؟ ليس من عادته أن يتأخر هكذا ، سأنتظر بعض الوقت
بعد ، وإذا غربت الشمس ولم يعد سأذهب إلى المدينة المجاورة و أرى ما سبب تأخره .
جلس رامي يفكر وهو في الزنزانة يشعرُ بالخوف
والقلق ، ترى كيف حال العم الآن و هو ينتظر
عودتي ؟ كيف سيعرف ما حصل معي ؟ قال
في نفسه : سامحني يا عمّي و لكني لم أعرف كيف حصل معي هذا ، يبدو أن هذا العمدة
رجل شرير ، وفجأة سمع صوتاً يناديه من الزنزانة المقابلة ، يا فتى ..يا فتى ..نهض
رامي مسرعاً إلى شباك الباب مجيبا من أنت ؟ أجاب الرجل : أنا سجين مثلك ما الذي
جاء بك إلى هنا ؟ . قال رامي متحسراً : لقد اتّهموني أني من تسبّبت في إشعال حقول
القمح ، فسأله الرجل في دهشة : هل حقول القمح احترقت ؟ أجاب رامي : بلى ، ولكني
لست الفاعل ولا أعرف من تسبّب بذلك . قال الرجل : هل تعرف يا رامي أن هذه البلدة
كانت في سنوات مضت تعيش في أمن وسلام و لكن في يوم من الأيام جاء الأعداء و اللصوص
فغزوا هذه المدينة و اسّتولوا على خيراتها ، وبعد ذلك استوطنوها ، تابع كلامه
قائلاً : لقد كان العمدة السّابق لهذه المدينة رجلاً طيباً يحب الجميع و الجميع
يحبه .
كان
يساعد جميع الناس في رعاية شؤونهم ، لكن عندما جاء هؤلاء الأشرار بقيادة هذا
العمدة المجرم ، شردوا جميع السكان وقاموا بالاعتداء على عمدتنا وطردوه و حبسوا
كثيرا من الناس الأبرياء و أنا واحد منهم لمجرّد أنّنا رفضنا العمل تحت إمرتهم ،
ومنذ ذلك الوقت أصبح الناس عبيداً لديهم يعملون في الزراعة أو جنداً للعمدة ، قال
رامي لكن أين ذهب العمدة السابق ؟ أجاب الرجل : لا أعرف ربما ذهب ّإلى مدينة أخرى
، أو ربما هو في أحد السجون المجاورة .
وفي هذه الأحيان نفذ صبر الرّجل بائع
الحليب و قرّر الذهاب فوراً إلى المدينة المجاورة ليرى ما الذي جعل رامي يتأخر لحدّ
الآن و عندما وصل كان الليل قد أسدى ردائه على المدينة فأخذ يتسكّع في الشوارع باحثاً عن رامي وقد كانت
الشوارع شبه فارغة من الناس ، حيث لم يكن يرى سوى أضواء الفوانيس في كل زاويةٍ من زوايا الشوارع و كأنه يعرفها من قبل ، وبينما هو
يتمشى على حاله حتى مر به شخصان بدا أنهما يتحدّثان عن فتى سجنه العمدة ، فلحِق
بهما و أوقفهما سائلاً إيّاهما : من هذا الفتى الذي تتحدَّثان عنه ؟ أجاب أحدهما :
ألا تعرف الفتى الذي قام بحرق حقول القمح التابعة للعمدة ؟ إنه فتى من المدينة
المجاورة أُلقي عليه القبض صبيحة اليوم قرب الحقول وقال الفلاحون أنه هو من فعل
ذلك و لذلك قام العمدة بسجنه حتى يحين
موعد محاكمته أمام الجميع ، ثم واصلاَ سيرهما مبتعدين .
تساءل
الرجلُ في نفسه : أيمكن أن يكون رامي ؟ لا لا .. رامي لا يفعل هذا أبدا ، إنه فتىً
طيب وبريء ، فذهب و استلقى في مكان جانب أحد المنازل حتى أخذه النعاس و نام حتى
الصباح . و في الصباح استيقظ على ضجيج الناس و صياح الباعة في السوق ، ذهب يتجول
موصلاً بحثه علَّه يعثر على رامي ، سمع صدفة أحد الباعة يتحدث عن محاكمة ستقام ظهر
اليوم ليتم فيها معاقبة الفتى الذي تسبب في الحريق ، فسأله : هل تعرف هذا الفتى ؟ أجاب الرجل : كلا
لا أعرفه . فأصيب الرجل بخيبة و كأنه يبحث عن ابنه الضائع فظل يبحث حتى الظهر ،
وبينما هو كذلك حتى سمع طبولاً تُقرع و جنود العمدة يُنادون في الناس : لقد حان
موعد المحاكمة .
تجمّع الناس أمام قصر العمدة و امتلئ المكان
بالجند و عندها خرج العمدة و حاشيته و عمَّ السكوت على جميع الناس ، فأخرج الجنود
رامي مقيداً حينها صُعق الرجل عندما رأى رامي على هذه الحالة فلم يُصدق ما رآه ،
مستحيل هذا ظلم .. رامي بريء .. وقف العمدة مخاطباً : اسمعوا أيّها الناس هذا
الفتى سيعاقب أشدَّ العقاب جزاءً لفعلته و سأقوم بسجنه مدى الحياة ليكون عبرة
للجميع .
عندها اقترب بائع الحليب وسط الناس وقال مخاطباً
العمدة : رامي لن يُسجن أبدا بل أنت من سيسجن ، عمّت الدهشة على جميع الحاضرين وهم
متعجبين من جرأة هذا الرجل الغريب الذي كان في حالة يُرثى لها وتبدو عليه ملامح
الفقر الشديد ، فنظر إليه رامي مُبتسما وقال : عمي أهذا أنت ؟ أنا سعيدٌ لرؤيتك ،
غضب العمدة غضباً شديداً وقال : من أنت أيها الرجل الوضيع ؟ أجاب الرجل : أنا عمدة
هذه المدينة التي استوليتم عنها أيها
الأشرار وشَردتّم سكانها وجعلتموهم تحت سيطرتكم و قُمتم بطردي من مدينتي بعد أن كنّا
نعيش في سعادة .
ازدادت دهشة الناس مما قاله ، أيعقل أن يكون
هذا الرجل الفقير هو عمدة المدينة ؟ ، فأكمل الرجل حديثه قائلاً وهو يشيرُ بإِصبعه
إلى رامي : أترى هذا الفتى ؟ إنه من قام بفضحِكم ، أمَّا عن حقول القمح التي
احترقت فهي ليست من حقكم لأنكم لا تعطون الناس شيئاً منها ، بل تخزّنونه في
مخازنكم و تتركون الناس جوعى يعملون عندكم ولا يحصلون على شيء .
فتعالت أصوات الناس هاتفين باسم رامي ، قال رامي
: إن هناك كثيرا من الأبرياء في السجن بلا
سبب و أنت من قُمت بسجنهم أيُّها الشرير لكي تخفي الحقيقة عن الناس ، اِزداد غضبُ
الناس مطالبين برحيل العمدة الشرير ، فأخذ الجنودُ العمدةَ إلى السجن بعدما أخرجوا
جميع السّجناء الأبرياء ، و أعادوا تنصيب الرجل الطيّب كعمدة عليهم و طلبوا من
رامي أن يكون مساعداً من مساعدِيّ العمدة كردّاً للجميل الذي قدمه للمدينة بأكملها ،
وهكذا عاشت المدينة تحت حكم الرجل الطيب في سعادة و رخاء .
الخيرُ
يدوم ولو قلَّ ... و الشَّر يزولُ و لو طال .
ان اتممت القصة اضغط على زر المشاركة الان
https://astory-ar.blogspot.com/
ردحذفقصة رائعة و معبرة أحسنت
ردحذف