قصص معبرة للكبار , قصة فراق وحزن

قصص معبرة للكبار قصة فراق وحزن

مرحبا بكم زوار موقعنا قصص وحكايات , نحكي لكم اليوم فصة معبرة رائعة , تحكي عن الم الفراق , والقصة تحتوي على مشاعر حزينة وصادقة . وللمزيد يمكنكم قرائة هاته القصة ايضا .


القصة بقلم : الاستاذ هاني محمد  نجيب


نظر إليَّ ووجهه ممتلئ بالأخاديد ، فقد نثر شتاء  العمر على هامته  ثلج  الشيخوخة ، إنه جدي الذي كلما نظرت إليه أكاد  أرى عيناه الحزينتين تحبسان دمعاتهما ،ولكن ليس  هذا ما  جعلني  أتصلب في مكاني كالحديد بل كلماته التي صعقتني  كالبرق هذه  الكلمات  التي تشير إلي بأن  أخذه  إلى  مقابر  المدينة  .
ولكني  على خلاف  دهشتي لم  أنطق  بكلمة واحدة ، بل  وضعت  يدي  على  كرسيه  الجرار  الذي كان  قرينه هذا  العام  ، أنا  أشفق  عليه  لأنه  لم  يعد يستطيع السير  على رمال الشاطئ الحارة  ، فقد أمرضه  الدهر، وحكمت  عليه  الأيام  أن  يكون  قعيداً حبيس هذا  الكرسي .
كانت  وجهتنا بعيدة  ، وكان الطريق طويلاً ، ولكن  لم  يزل  شبح  السكون مسيطراً على أنحاء وأرجاء  المكان ، فكلما  حاولت  سؤاله  عن  السبب ، تعثرت  وذابت  الكلمات على شفتي ، فقد  كان في  حالة  سئية .
وحين  وصلنا إلى المكان المحدد أخذ يبحث ويسمح  المكان  بنظراته عساه يجد القبر المفقود ، حتى وقعت عيناه على ذلك الاسم ، ذلك الاسم  الذي استرعى انتباهه – أيمن  كف الغزال - ! .
أخذت  أراجع ذاكرتي  واستعادة مخيلتي لرسوم الماضي ، لعلي  أجد هذا الاسم فيها  ، ولكن  مضت محاولاتي  سدى ، وارتسمت في عيني كلمات الاستفهام وسادت سكينة مفعمة  بالكأبة ، فقد صبغ  الحزن كل شئ باللون  الأسود .
 كان جدي  كتمثال  الحزن  على ضريح  هذا الرجل  وهو يردد ويقول : اشتقت إلى نبرة صوتك وإلى ابتسامتك العذبة ...... أه ، ليت الأيام تعود فأخذك بين أحضاني ، يا صديقي . ليت هذه  الحرب اللعينة لم  تفرق بيننا ، ولم يتفطر قلبي عليك ، ولكن ليس الحياة إلا هكذا فراق وحزن ! ...... يا أيمن، أنا أدعو لك َ كل ليلة عسى يباركك الموت بعد أن  نبذتك الحياة .
كانت دموعه تفطر قلبي حينما التفت لينظر إليَّ بوجه  الحزين ثم قال : هذا الرجل  ضحى بحياته  ليحيا الوطن  في عز وسلام ، كنا  نحارب سوياً منذ أربعين عاماً حينها  سقطت  جريحاً يحاصرني  الرعب  وتحيط  بي  الجثث الهامدة  .
لم أستطع  الهرب  مثلما فر الجميع إلا أن أيمن عاد  لأجلي  ، فكان بطل المشهد الرائع إلى حين  انطفأت الألحان ، التي سريعاً ما انطفئت إلى الأبد ، فإذا  برصاصة  من سلاح  العدو تخترق رأس البطل ، فيسقط  جثة هامدة إلى جانبي لا تسمع  ولا ترى ، وبحر دمائه الطاهرة  يفيض عليّ .
أه .... سقط  أيمن  شهيداً  لتراني أمامك  اليوم  يا حفيدتي  ... وبعد أن  وضعت  الحرب  أوزارها تعهدت بأن أزوره كل عام  في  مثل  هذا  اليوم  الأسود ، عساني  أرد  له بعض  جميله ، ولكني لم أستطع  القدوم  هنا هذا العام بمفردي فقد أصبحت  قعيداً كما  تري .


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    ان كنت كاتب للقصص وتريد نشرها في موقعنا راسلنا بقصتك عبرة صفحة اتصل بنا ونحن سننشرها في الموقع باسمك



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -