روائع القصص  بيت الحمــــــــد قصة حزينة

 قصة حزينة


شعور رهيب وصعب أن يرى أى أب فلذة كبده يموت أمام عينيه كل لحظة ولا يستطيع عمل أى شىء له!!
شىء رهيب أن ترى ولدك مريضاً بمرض عضال حار الأطباء فى علاجه ولا تقدر أن تقدم له شيئاً !

لقد عشت تلك التجربة المُرة خلال عام 2004م وبالتحديد فى شهر رمضان المبارك، فقد عشت مع زوجتى الصابرة لحظات رهيبة ونحن نرى بأعيــــننا ولدنا الحبيب عمر يموت كل يوم ،بل كل لحظة وكل ثانية أمام أعــــــيننا ولا نقدر أن نفعل له شيئاً ، والله لقد كنت أرى ولدى الحبيب يفقد حواســـــــــــه بالتدريج ،
كل يوم حاسة فقد كان مريضاً بمرض نادر يصيب فرد واحــــد فى العالم من كل 4 مليون نسمة كل ربع قرن ! والحمد لله كنــــا متماســـــــكين وراضيين بقضاء الله ، نطلب من المولى عز وجل أن يلطف بنا ويخّفف على ولدنا وفلذة كبدنا عمر حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها ليلة عيد الفطر
المبارك عام 1425هجرياً وإنـّا لله وإنـّا إليه راجعون .

والحمد لله فقد حدث ذلك ونحن بين أهالينا وأحبابنا فى مصر نستمد منــــهم العطف والحنان والمواساة ، ولكن الشعور الأصعب حقاً أن يحدث ذلك وأنت غريب فى بلاد غريبة ،تفتقد العطف والمواســـــاة مـــــــــن الأهل والأقارب والأصحاب !

ذلك ما حدث لصاحبى أدهم ،ذلك المهندس الشاب الذى سافر مع زوجتـــــــه وابنته وابنه عمّار للعمل فى إحدى الدول العربية ،وشاءت الأقدار أن يُصاب طفله الصغير عمّار الذى لم يتجاوز أربعة أعوام بمرض بمرض خطير ونادر فى القلب والمخ ، حاول أدهم المستحيل لعلاج ولده فذهب به لأكبر الأطبـــاء 
والجراحين، وكان يضطر أحياناً أن يرسل أسرته كلها للقاهرة لإستمــــــــرار علاج عمّار لوجود أطباء مهرة فى مصر .
جاءنى أدهم ذات يوم مهموماً حزيناً قائلاً : حالة ولدى عمــّار الصحية تزداد سوءاً ، وأشعر بفراغ كبير بعد سفره مع والدته وأخته للقاهرة لمتابعة حالته الصحية ، إننى يا صديقى أنفقت كل مدخرات الغربة لعلاج ولدى وأشـــــــفق عليه كثيراً من الألم ، لقد مضى شهر رمضان وأسرتى مشتتة وأنا وحيد فى غربتى ،وأخيراً جاء الفرج وعادت أسرتى من القاهرة فى عيدالفطرالمبارك،وسعدت بها كثيراً ،ولكن ماتت الفرحة حين إكتشفنا إنسداد الصمـــــــام الذى يصرف سوائل المخ !

فكنت يا صديقى أرى فرحة العيد فى عيون الآخرين ،وأرى نظرة الإنكســـار فى عينى وعين زوجتى ،وأشعر بالحسرة على طفلى عمّار الذى يتعــــــــذب أمامى ولا أستطيع له شيئاً ،
وحين ساءت حالته حملته وهو بين الحيـــــــــاة والموت وأدخلته المستشفى لإجراء جراحة رابعة فى المخ ،وتم إجـــــــــراء الجراحة بحمدالله ولكنه لم يفق منها وتوقف القلب الصغير عن العمل ثلاث مرات خلال الجراحة ،ثم شاء المولى عز وجل أن تنتهى آلامه للأبد وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها.

آه يا صديقى ـ يقول أدهم ـ ما أصعب أن يموت الإبن أمام أنظـــــار أبيه ،لقد عرفت ذلك اليوم فقط ما هو الموت ،فلأن يوارى الإنسان أباه الثرى أو أمه، أو أن يحمله أبناؤه إلى مستقره الأخير ،تلك سُنة الحياة ،أما أن يحــــمل هو ابنه بيديه ليواريه الثرى فإنه أمر مؤلم مؤلم مؤلم إلى أقصى حد !!
أضف إلى ذلك أن موت الغربة قاس ٍ إلى أبعد درجة ،تصّور نفســــــــــك يا صاحبى تحمل ابنك لدفنه وأنت لا تقوى على الوقوف فلا يتقدم أحد لحمــــله عنك ! حين يكون أداء الواجب ثقيلاً فالكل مشغول بهــــــمومه وغربته ،ولا عجب فى ذلك لأنك أنت المصاب وصاحب الواجب ،ولا عزاء للغربـــــــاء !!

وبكى صاحبى أدهم بصوت متهدج وأنين مكتوم يكّسر القلوب ،وختم حديثه بقوله : اليوم دفنت ثمرة فؤادى وفلذة كبدى واحتسبه عند ربى ،وأرجـــو أن يغفر الله لى إن كنت قد قصّرت فى واجبى تجاهه .
قلت لصاحبى أدهم : اصبر يا أخى واسترجع وكن من الصابرين الحامــــدين الله على كل حال ،وكن على يقين بأن ولدك الراحل عمّار سوف ينعم عند ربه بنعيم الولدان المخلدين فى الدار الباقية ، فإذا كان قد غاب عنك بجسمــــــــه الصغير ،فإنه ما زال يملأ روحك وقلبك بالحب وعطر الذكرى ،ومنَ كان لك فى الدنيا سروراً قد أصبح لك فى الآخرة أجراً ،ويا له من أجر ! إنه أجــر لو
**** تابع قصة بيت الحمد.............

تعلمون عظيم إذ يتشارك فيه المبتلون بفقد الولد مع سيد المرســـــــــلين صلــوات الله وسلامه عليه الذى ثكل كل بنيه ما عدا فاطمة خلال حياته .
وهناك فى الدار الآخرة ينتظرك يا صاحبى بيت الحمد الذى تبنيه المــلائكة فى دار النعيم لمن لا يخرجه الحزن عن جادة الصبر والإيمان !
أحزان الحياة كثيرة يا صاحبى تحتاج لأن يكون المرء قوى الإيمــــان ،شديد الصبر والتسليم بقضاء الله وقدره والأمل الدائم فى رحمته ،وتذكر دائماً قول الشاعر الفحل أبو العتاهية :
أقول لريب الدهر إن ذهبت يــــــــــــد 
فقد بقيت والحمد لله لى يـــد !
تذكر هذا المعنى وأنت تكابد أحزانك وآلامك لإستكمال رسالتك مـــع زوجتك ورعاية ابنتك .
وإنّا لله وإنّا إليــــــه راجعون .

عزيزي القارئ هناك المزيد من القصص ذات صلة عن قصص واقعية  و قصص وعبر

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    ان كنت كاتب للقصص وتريد نشرها في موقعنا راسلنا بقصتك عبرة صفحة اتصل بنا ونحن سننشرها في الموقع باسمك



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -