قصة واقعية رائعة عن الصبر مفيدة جدا وبها حكمة رائعة

قصص واقعية رائعة عن الصبر فيها عبرة وحكمة عظيمة، نقدمها لكم عبر موقع قصص وحكايات ، أجمل قصص واقعية 2018 جميلة جدا تحمل عبر وعظمات جميلة ومفيدة، استمتعوا معنا بقراءتها الان فقط وحصريا على موقعنا، وللمزيد من احلى وأجمل القصص والحكايات المفيدة بإمكانكم تصفح المزيد من القصص الواقعية من خلال تصنيف: قصص واقعية.

قصة-واقعية-رائعة


صبر وحكمة.. !!
 صفا الجو وهدأت الخواطر، وأقبل المنقريون إلى دار سيدهم الحبيب، قيس بن عاصم، ليجاذبهم أطراف أحاديث شتى، في الحرب والاغارة، والفتك والغدر، والصيد والقنص، والسحاب الممطر والجدب الماحل، والأبقار والإبل، إلى غير ذلك من أحاديث يجد فيها أهل البوادي لذة ومتعة، لما يشيع فيها من فخر وتحدث عن النفس، يرضى طبيعة العربي الأصيل، واندفع في الحديث، يطوى هذا وينشر ذاك، وهو فخور بهذه المكانة التي يحتلّها في نفوس قومه، والمنزلة التي تتمتع بها عشيرته بين غيرها من العشائر والقبائل..

وما أجمل العربي حينما يذكر هذه المعاني كلها، فتنتفخ أوداجه، وتتضخم عنقه، ويرتفع رأسه عاليا بين الرءوس، فلا تكاد تشعر به والحال هذه – إنساناً يحيا كما يحيا الناس – أو ادميّا يعيش كما يعيشون، بل كأنما هو ملك من ملوك الدنيا في مكنته أن يطير في الهواء ويلمس السماء ، ويحلق في الأجواء، ويسبح بين طبقات الماء، ويسرى مع الوحوش والظباء لا يعجزه شئ في الارض ولا في السماء .. !! تلك طبيعة غريبة، يكاد ينفرد بها ويشعره بأنه إنسان يوثّر في هذه الدنيا، لا كمية مهملة على يسار الوجود .. !! العربي من بين غيره من أجناس الناس، ولهذه الصفة أثر كبير في مجرى حياته وطرائق معائشه على الدوام .. !! وكأنما كان إقبال الحاضرين عليه مدعاةً لإبداعه في الحديث وتفننه فيه حتى أعجب به الحاضرون كلهم أيما إعجاب،  وكان منظره جالساً محتبياً بينهم  في فناء الدار يدفع إلى الإعجاب والإجلال .

وبينما هو على هذه الحال من الصفاء الغامر والسرور المبين، إذ أتى له برجلين : أحدهما مكتوف ، والاخر مقتول لاتزال دماؤه حارة قانية، وكأنما كان بدنه يصرخ من الظلم، وينادي بطغيان الإنسان واستهانته بالحياة الغالية العزيزة .. ولكن القوم سهموا وألجمتهم الدهشة، وأعظمهم العجب، وسيطر عليهم شعور غريب، كله الرهبة والخوف، والتشاؤم الأليم، واعتقدوا أن السماء ستلقى شواظاً من نار، وأن الصاعقة ستنقض على هذه الرءوس جميعاً، وأن الزوبعة ستهب عن قريب، وأن العاصفة ستعصف بكل ما في طريقها، وتأتى على الأخضر واليابس، وأن قيس بن عاصم سيشنها حرباً وضروساً لا تهدأ ولا تستقر..

 يالله، لقد كان الرجل المكتوف ابن أخيه، والرجل المقتول ولده، وأولهما القاتل.. !! وصوب قيس نظرات قاتلة إلى الأفق الرحيب .. لقد جنب نظراته كل إنسان إشفاقا به، وحدبا عليه، ووجد في هذا راحة، وفرصة للتفكير الذي لابد منه في هذا المأزق الحرج.. لقد صور له الغضب ألواناً رحيبة من الحلول، فيها جميعاً دماء حارة قانية، وشقاق ونضال، وعداوة مستحكمة، وأرواح تزهق، ونفوس تسيل على أسنة الظبا والسيوف ... !! وارتجف بدئه لكل ذلك ، واضطرب فؤاده، وهلع قلبه، و احس به يخفق في عنف و شدة، حتی کاد ينخلع ويطير ، ولكنه تماسك قليلاً، وهز رأسه كأنما يطرد هذه الأفكار السود من مخيلته .. وزفر زفرة شديدة ارتجف لها من حوله ، وتلاقات أنظارهم ، وفهموا ما يعتمل في نفسيه من أحاسيس ، ويختلج في قلبه وفؤاده من مشاعر حمراء قانية .

ولكنه لم ير في كل هذه البهيمية الشهوانية الحمراء إرضاء لنزعاته ، وإرواء لنهمته ، بل على العكس وجد فيها لهيبا يندلع أواره وحريقاً تعلو في الجو نيرانه فتعصف بالقبيلة بأسرها ، ولن تقف عند هذا الحد ، فهناك زوجات تتعصب ، وتلغ السنتهن في الدماء الحارة وتؤجّج النار في الصدور ، وتشعل الحقد في الأفئدة والقلوب .. وحولهن قبائل كثيرة الفروع والبطون ، ولا بدّ من اتصال هؤلاء جميعا بالمعركة .. بيد أن قيس بن عاصم هدأ فجأة ، ونضح وجهه بالعرق البارد فارتاح من حوله ، و تمکن من جاء بالرجلين من الکلام وقال : هذا ابن أخيك قتل ابنك .. !! غير أنه تابع حديثه ، وظل محتبياً كما كان واتجه إلى ابن اخیه قائلاً في عتاب : أنت رميت نفسك بسهمك ، وقتلت ابن عمك .. وصمت ابن أخيه وقد شعر بموقفه على حقيقته ، فأدركه لون من الندم والذلة ، وأطرق برأسه إلى الأرض في خضوع . واکتفی قیس بذلك ، فنظر إلى ابن له آخر في قوة وحزم، وقال : قم یا بني فادفن اخاك، وحل کتاف ابن عملك .

وتوقف قيس قليلاً، فما أسرع الخطرات الفكرية في هذه الساعات العصيبة مع رجل موفق ، إنها لتنهال انهيالاً من كل ناحية، وتثال انثيالاً من كل فج ، وتواتیه في سهولة ویسر ... لقد هدأت نفس قیس بعد فورة، وارتاحت بعد ثورة ، وعلم أن الشيطان عند اكل حل ثائر ، أو رأى فائر ، وأنه لمن الضعف أن يندفع الإنسان في هذه السبيل أعمى أصم، ينقاد لتلك الشهوات الجائرة الخالقة ، التي تقطع الأرحام ، وتباعد بين الناس، وتقضي على صفات الخير والبر، فلا يكون سوى الغضب الماحق إماما، والرأى الأفن رائدا، والمظهر الوحشي قائدًا..!! أجل هدأ قيس ، وارتاح قومه لمظهره، وكأنما أزيح عن کاهلهم عبء ثقيل، وأصاخوا إليه حينما تابع حدیثه مع ابنه : واحمل إلى أملك مائة ، دية ابنها فإنها غريبة .. !!

وغامت في الجو سحابة عجيبة، وانعقدت الألسن و خرست، و ذهل المنقریون لهذه الحکمة السامیة، التي حفظت لهؤلاء جميعا من قومه وقوم زوجته دماءهم وأرواحهم وأولادهم ، وذراريهم من بعدهم ، ولكن عجبهم لقوة الرجل ، وامتلاكه لزمام نفسه واحتماله لهذه الطعنات المسدّدة ، ولذلك الحمل الثقيل ، كاد يذهب بألبابهم ، ويطير بهم كل مطير، وتفاهموا بالنظرات الصامتة ، ولكنها بليغة فصيحة ، وارتسم على كل وجه دلائل الإعجاب والتقدير .. !
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    ان كنت كاتب للقصص وتريد نشرها في موقعنا راسلنا بقصتك عبرة صفحة اتصل بنا ونحن سننشرها في الموقع باسمك



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -